غرف الطوارئ الشبابية تتصدى للمجاعة في معسكرات النازحين في دارفور

غرف الطوارئ الشبابية تتصدى للمجاعة في معسكرات النازحين في دارفور

في خضم الحرب الدائرة في السودان، ولدت مبادرات شبابية طوعية، شكلت طوق نجاة للآلاف من النازحين الذين وجدوا أنفسهم في مهب المجاعة والحصار. 

يتصدى هؤلاء الشباب، بإمكانياتهم المحدودة وإرادتهم الصلبة، لجحيم الحرب وتداعياتها، ويقدمون الطعام والمياه والدواء، وإسعاف الجرحى، وإيواء المشردين.

في معسكري زمزم وأبو شوك في شمال دارفور، نقل أعضاء من غرف الطوارئ الشبابية -المدعومة من الأمم المتحدة- الصورة عما يجري هناك، وخاصة في أعقاب الإعلان عن تفشي المجاعة في معسكر زمزم، والتحذير من ظروف مماثلة في معسكري أبو شوك والسلام القريبين بحسب موقع أخبار الأمم المتحدة.

يقيم في معسكر زمزم نازحون من ولايات دارفور الخمس، بالإضافة إلى نازحين هربوا من الصراع في الخرطوم الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد سكان المخيم بصورة كبيرة ليبلغ نحو نصف مليون شخص وفقا لإحصائيات صادرة عن وكالات الإغاثة.

وقد أصبح المعسكر بمثابة "دارفور مصغرة"، وفقا لمبارك محمد إدريس عضو غرفة طوارئ معسكر زمزم، والذي قال إن "غرف الطوارئ خرجت من رحم المعاناة، وأصبحت همزة وصل بين المنظمات والمحتاجين على أرض الواقع".

المطابخ الجماعية وسيلة لمحاربة المجاعة

رغم صعوبة الوضع، فإن منظمات الإغاثة لا تملك سبيلا للوصول إلى هذه المعسكرات لتقديم المساعدات التي تمس الحاجة إليها. ولهذا السبب، يقوم شباب غرفة الطوارئ في المعسكر بتوفير الغذاء للجوعى. 

وعن ذلك يقول مبارك محمد إدريس عضو غرفة طوارئ معسكر زمزم: "لدينا أيضا ما يعرف بالمطبخ الجماعي حيث نوفر الغذاء، على مدار الساعة، لأكثر من 46 مركز إيواء داخل المعسكر، وهذا يساعدنا على تخفيف معاناة النازحين داخل المعسكر نسبة لانعدام الغذاء وعجز الأسر عن إطعام نفسها لأنها معدمة، ويقضي الأطفال كامل يومهم بلا أي طعام، على الإطلاق، وهناك بعض الأسر تمر عليها أيام عديدة دون أن توقد نارا لأنها لا تملك أي طعام لتطبخه وهذا هو السبب الذي قاد لإعلان المجاعة في المعسكر، لأن المعسكر محاصر والأسر لا تملك شيئا".

نقص المياه يفاقم المخاطر

نقص الغذاء ليس هو التحدي الوحيد الذي يعاني منه سكان معسكر زمزم، إذ تبرز مشكلة نقص مياه الشرب لتضيف عبئا آخر للنازحين.

ويشرح مبارك محمد إدريس ذلك بالقول: "خرجت كل آبار المياه من الخدمة بسبب عدم توفر الوقود لأن المنطقة محاصرة بواسطة قوات الدعم السريع. حاليا، يعمل بئران للمياه فقط من بين 8 آبار في المعسكر، وبالتالي، فنحن نعمل أيضا على توفير مياه الشرب، ونعاني جدا في سبيل إحضار المياه إلى المعسكر في ظل الاشتباكات والقصف المدفعي بالإضافة إلى نقص التمويل. نحضر عربتي مياه تحتوي على مئتي برميل للمياه ونوزعها على الناس في 46 مركزا، ولكن ذلك لا يكفي".

بث روح التضامن والتعاون بين النازحين

لم يقتصر دور غرف الطوارئ على المساعدات المادية، بل امتد ليشمل تعزيز التضامن بين النازحين، وتوفير المأوى والملابس، وإجلاء المصابين من مناطق النزاع، ويقول مبارك محمد إدريس: "نعمل على توفير المشمعات ومستلزمات المأوى خلال فترة الخريف، إضافة إلى أدوات رش المبيدات الحشرية والناموسيات، كذلك نقوم بتقديم الدعم لضحايا الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والسيول، أما في فترة الشتاء فنقوم بتوفير الملابس الشتوية للأطفال".

معسكر أبو شوك.. نموذج آخر للصمود 

معسكر أبو شوك لا يبعد سوى 22 كيلو مترا عن معسكر زمزم، وفيه تتكرر القصة نفسها، شباب متطوعون يواجهون التحديات ذاتها، ويقدمون الخدمات ذاتها، بل ويوسعون نطاق عملهم ليشمل إعادة تأهيل مراكز الإيواء المتضررة من الفيضانات، وتوفير الفوط الصحية للفتيات، والعمل في مجال الإصحاح البيئي.

يقول ممثل اللجنة الإعلامية لغرفة طوارئ معسكر أبو شوك محمد آدم عبداللطيف: "كنا نتلقى الدعم من جهات عديدة من بينها المجلس النرويجي للاجئين -وهي منظمة شريكة للأمم المتحدة- والتي كانت تقدم لنا دعما بقيمة 5 آلاف دولار نشتري بها المواد التموينية لنعمل في المطبخ الجماعي، من خلال المطابخ الجماعية، نوفر الأكل لمراكز الإيواء التي باتت تعتمد علينا اعتمادا كليا، في الفترة الأخيرة توقفنا لأكثر من عشرين يوما نسبة لانقطاع الدعم، وقد وصلنا الدعم من الخيّرين والمنظمات غير الحكومية، ومن بينها منظمة سابا والتي ساعدتنا في شراء عربة إسعاف، ووعدتنا منظمات أخرى كثيرة بأن تقدم لنا الدعم، كما تلقينا وعودا بتوفير 10 مطابخ جماعية".

بطون جائعة في انتظار طعام لا يأتي

ويُنبّه محمد آدم إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية مما يضطر الكثير من الناس إلى أكل علف الحيوانات، إن توفر، وقال إن "كافة مؤشرات المجاعة واضحة للغاية" داخل المعسكر، مشيرا إلى حدوث "الكثير من حالات الوفيات" بسبب الجوع المتفشي بين سكان المعسكر، وخاصة بين الأطفال "وليس بإمكاننا الحصول على التغذية العلاجية، ولدينا مركزان للتغذية العلاجية وقد تم قصفهما بواسطة قوات الدعم السريع".

كما أشار محمد آدم إلى ارتفاع معدل التسول بين النازحين اليائسين، فيما تُضطر بعض النساء إلى ممارسة البغاء كي يتمكن من إطعام أطفالهن، حسب ما قال.

معظم المراكز الصحية توقفت نتيجة للقصف المدفعي. أما المركز الصحي الوحيد الذي يقدم الرعاية الصحية الأولية، فهو يعاني من نقص كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية وخاصة أدوية الأطفال دون سن الخامسة، وفقا لمحمد آدم. وبالإضافة إلى كل ذلك، تسببت الفيضانات التي ضربت المعسكر خلال الفترة الأخيرة في تدمير أكثر من 700 منزل، حسب ما قال.

نداء إلى العالم

ويقول محمد آدم عبداللطيف إن غرف الطوارئ ورغم ما تبذله من جهود كبيرة لمساعدة النازحين فإن الأمر "خرج عن نطاق سيطرتها" نسبة لتدهور الوضع وازدياد عدد المحتاجين، واختتم حديثه بتوجيه نداء قال فيه: "نحن في معسكر أبو شوك ناشدنا لمرات عديدة وما زلنا نناشد المنظمات والجهات الدولية والأممية تقديم الخدمات لنا بأي طريقة من الطرق، كل الطرق المؤدية إلى المعسكر مغلقة حاليا، نناشد التنسيق مع الأجسام الموجودة داخل المعسكر بهدف إيصال الدعم للأطفال النازحين، لقد انعدمت أبسط الاحتياجات الطبية مثل الضمادات والمعقمات نسبة لكثرة الإصابات".

دعوة إلى التدخل لإنقاذ النازحين

بالإضافة إلى غرف الطوارئ تبرز منظمات أخرى لتقديم يد العون مثل منظمة وادي هور العالمية للإغاثة والتنمية "وهي منظمة وطنية تعمل في شمال دارفور وخاصة معسكر زمزم للنازحين"، وفقا لعضو المنظمة السيد أنور خاطر والذي قال إن المنظمة ظلت تقدم الماء والغذاء ومواد الإيواء للنازحين.

وأوضح أن حصار مدينة الفاشر تسبب في معاناة كبيرة للناس لصعوبة دخول المساعدات الإنسانية للولاية، مضيفا أن الكثير من المنظمات الإنسانية جمدت نشاطها بسبب تدهور الوضع الأمني.

وقال خاطر إن الوضع المتدهور في معسكر زمزم يستدعي تدخلا عاجلا من المنظمات الدولية لإنقاذ النازحين الذين قال إنهم يعانون بشدة من الجوع والأمراض.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية